من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعليم
هذه وقفات يسيرة مع هديه - صلى الله عليه وسلم -
فـي التعليم ، ولا شك أن هذا الباب واسع ويحتاج لاستقصاء وجمع لا يتيسر
لأمثالي ، لكن هـذا غاية ما توصلت إليه في بحثي القاصر ، ورحم الله من
أفادنا بملاحظة ، أو إضافة ، أو توجيه .
عنايته بتعليم المنهج العلمي
ففي
تربيته العلمـية لأصحابه ما كان يقتصر على تعليم أصحابه مسائل علمية فقط،
بل ربى علماء ومجتهدين ، وحملة العلم للبشرية . ولقد ظهرت آثار هذه
التربية على صحابته في مواقفهم بعد وفاته من حادثة الردة ، وجمع القرآن ،
وشرب الخمر ، واتخاذ السجون ، والخراج وغير ذلك من المسائل التي اجتهد
فيها صحابته -رضوان الله عليهم- ، فلم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام النوازل
التي واجهتهم ، واستطاعوا أن يتوصلوا فيها للحكم الشرعي ، كل ذلك كان نتاج
التربية التعليمية التي رباهم عليها - صلى الله عليه وسلم - ومن معالم
تعاليمه المنهج العلمي :
1- تعويدهم على معرفة العلة ومناط الحكم
فلما
سئل عن بيع الرطب بالتمر ، قال : ["أينقص الرطب إذا جف ؟" ، قالوا نعم ،
فنهى عن ذلك](رواه الخمسة) .. وحين نهاهم عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
قال لهم : ["أرأيت إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك؟"](البخاري
ومسلم) . وحين قال : ["وفي بضع أحدكم صدقة" ، قالوا له : أيأتي أحدنا
شهوته ويكون له فيها أجر ، قال : "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر"
، قالوا نعم ، قال : "فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجراً"](مسلم) .
ففي هذه النصوص علم أصحابه علة الحكم ومناطه ، ولم يقتصر على الحكم وحده .
2- تعويدهم على منهج السؤال وأدبه
ففي
موضع يقول : [إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم
على المسلمين فحرم من أجل مسألته]البخاري ومسلم) ، و : [إن الله كره لكم
قيل وقال وكثرة السؤال ، وإضاعة المال](متفق عليه) . فها هنا يذم السؤال ،
لكنه في موضع آخر يأمر بالسؤال ، أو يثني عليه : [ألا سألوا إذ لم يعلموا
فإنما شفاء العي السؤال](أبو داود) ، [لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني
عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث]البخاري) .
3- الإجابة بالقواعد العامة
سأله
رجل : إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء فإذا توضأنا به عطشنا ،
أفنتوضأ بماء البحر ؟ فلم يقتصر - صلى الله عليه وسلم - في إجابته على
قوله نعم ، وإلا كان الحكم قاصراً على الحالة موضع السؤال وحدها ، إنما
أعطاه حكم ماء البحر وزاده فائدة أخرى يحتاج إليها حين قال :[هو الطهور
ماؤه الحل ميتته](الترمذي وصححه) ، ويعني هذا أن ماء البحر له سائر أحكام
الماء الطهور ، وليس فقط يجوز الوضوء به في هذه الحالة . وسئل : ما يلبس
المحرم من الثياب ؟ ، فقال : [لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا
السراويل ولا البرنس ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين](الشيخان) ،
فلم يعدد له ما يجوز للمحرم لبسه بل أعطاه قاعدة عامة فيما يحل وما لا يحل
للمحرم لبسه .
4- تربيته لأصحابه على منهج التلقي
[عن
العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - موعظة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقلنا يا رسول الله
كأنها موعظة مودع فأوصنا ، فقال : "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن
تأمر عليكم عبد ، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم
بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجد](الترمذي
وقال حسن صحيح) ، وقال في وصف الطائفة الناجية : [من كانوا على ما مثل أنا
عليه اليوم وأصحابي](أبو داود) . وحين رأى مع عمر صحيفة من التوراة غضب ،
ونهاه عن ذلك ، وقال : [لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي](أحمد) .
5- تربيتهم على منهج التعامل مع النصوص
خرج
على أصحابه وهم يتمارون في القدر ، هذا ينزع آية ، وهذا ينزع آية فغضب حتى
كأنما فقىء في وجهه حب الرمان من الغضب . وقال : [بهذا أمرتم ، أن تضربوا
كتاب الله بعضه ببعض ؟! ، انظروا إلى ما أمرتكم به فاتبعوه ، وما نهيتم
عنه فاجتنبوه](أحمد) .
6- تعويدهم على الاستنباط
سأل
أصحابه يوماً : "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ،
فحدثوني ما هي" . قال ابن عمر - راوي الحديث - فوقع الناس في شجر البوادي
، قال عبد الله ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت . ثم قالوا : حدثنا ما
هي يا رسول الله ؟ قال : "هي النخلة"(الشيخان) .
7ـ تربيتهم على القيام بواجب العلم
عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
"من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"(أحمد) . وقال
- صلى الله عليه وسلم - : "بلغوا عني ولو آية"(البخاري) . وقال - صلى الله
عليه وسلم - : "نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب
مبلغ أوعى من سامع". وقد روى هذا الحديث (24) من أصحابه مما يشعر أنه قاله
- صلى الله عليه وسلم - في أكثر من مناسبة .
وانظر إلى أثر هذه التربية
في قول أبي ذر -رضي الله عنه- : "لو وضعتم الصمصامة - السيف - على هذه -
وأشار إلى رقبته - واستطعت أن أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ، قبل أن تجهزوا علي لأنفذتها"(البخاري)
-ترغيبه أصحابه في العلم 8
ولا
شك أن لذلك الترغيب دوراً كبيراً في إيجاد الحماسة لدى طالب العلم للتعلم
، والاستزادة من ينابيعه. فحين جاء ثلاثة نفر وهو جالس مع أصحابه فجلس
أحدهم خلف الحلقة ، والآخر رأى فرجة فجلس فيها ، وأما الثالث فأعرض ، فقال
- صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : "أما الأول فآوى فآواه الله ، وأما
الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض ، فأعرض الله
عنه"(البخاري...) .
شك أن لذلك الترغيب دوراً كبيراً في إيجاد الحماسة لدى طالب العلم للتعلم
، والاستزادة من ينابيعه. فحين جاء ثلاثة نفر وهو جالس مع أصحابه فجلس
أحدهم خلف الحلقة ، والآخر رأى فرجة فجلس فيها ، وأما الثالث فأعرض ، فقال
- صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : "أما الأول فآوى فآواه الله ، وأما
الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض ، فأعرض الله
عنه"(البخاري...) .
الجمعة 2 ديسمبر - 8:01 من طرف sandos
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:07
الأربعاء 23 نوفمبر - 7:25 من طرف Brahim Mosbah
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:06
الأربعاء 23 نوفمبر - 7:24 من طرف Brahim Mosbah
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:05
الأربعاء 23 نوفمبر - 7:18 من طرف Brahim Mosbah
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:04
الأربعاء 23 نوفمبر - 7:15 من طرف Brahim Mosbah
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:03
الأربعاء 23 نوفمبر - 7:13 من طرف Brahim Mosbah
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:02
الأربعاء 23 نوفمبر - 6:55 من طرف Brahim Mosbah
» هوّارةُ البَربـرُ البَرانِـسُ:01
الأربعاء 23 نوفمبر - 6:53 من طرف Brahim Mosbah
» توماس اديسون واختراعاته
الإثنين 31 أكتوبر - 0:05 من طرف محمد